انقلبت أزمة الرسوم المسيئة للرسوم الكريم صلى الله عليه وسلم التي استفزت مشاعر الكثيرين داخل وخارج الدانمارك إلى مادة إعلامية، جندت خلالها بعض الصحف وقيادات سياسية برلمانية وحكومية لما يشبه عملية محاسبة المسلمين على ردود أفعالهم داخل البلاد وخارجها.
فصحيفة يولاندس بوستن التي كانت أول من نشر الرسوم صدرت صفحتها الأولى اليوم بالعناوين التالية "مثيرو الشغب يرمون في الشارع من أماكن سكنهم".
وتظهر تفاصيل الخبر أن الجمعيات السكنية بموافقة المجالس البلدية المحلية سترمي كل العائلة التي شارك أي من أبنائها في أعمال الشغب التي شهدتها الدانمارك على مدى أسبوع كامل (...)، إضافة إلى أن هناك مطالبات سياسية بتحميل هؤلاء تكاليف الأضرار التي حدثت أثناء أعمال الاحتجاج والشغب.
وإلى جانب هذا الخبر صورة وفيها دائرة حمراء على وجه المتحدث باسم الوقف الإسكندنافي قاسم أحمد وهو يشارك في تظاهرة منددة بالرسوم في إحدى ضواحي كوبنهاغن نظمها "حزب التحرير" متسائلة بالخط العريض "ما الذي يفعله هنا؟".
وتضمنت حيثيات الخبر الذي يأخذ مع الصورة نصف الصفحة الأولى اتهامات للرجل بالمشاركة في تظاهرة ما كان يجب أن يشارك بها، وصفته زعيمة حزب الشعب اليميني المتطرف بيا كيرسغوورد بأنه شخص "يملك لسانين"!.
دعوات للرحيل
عامة تأخذ بعض الصحف والساسة الدانماركيين خاصة اليمين على المسلمين والعرب ردود أفعالهم على أنها صادرة عن "مجموعات متطرفة".
وعليه أبرزت هذه الصحف تصريحات زعيمة حزب الشعب الدانماركي اليميني (رابع حزب برلماني)، والمشارك في الائتلاف الحكومي، بيا كيرسغوورد المطالبة برحيل الشباب الدانماركي المولود في الدانمارك من أصول مهاجرة وعوائلهم عن الدانمارك قائلة "ارحلوا إذن إلى بلادكم!".
وطالبت هؤلاء بأن يجدوا لهم بلادا يستطيعون ممارسة طقوسهم وعباداتهم دون الشعور بضغوط من أوضاع "حرية التعبير" في الدانمارك، على حد قولها، واتهمتهم بأنهم يقابلون المجتمع الدانماركي بعنف وغضب وبأنهم يكرهون قيم البلاد.
عملية تنظيف
على صعيد آخر تحدث زعيم حزب التحالف الجديد ناصر خضر، الذي يعاني حزبه من انشقاقات وتراجع في شعبيته، عما رافق إعادة نشر الرسوم من أعمال احتجاجية بطريقة أثارت استهجان الكثيرين من المهاجرين والدانماركيين.
وقال خضر إن "هؤلاء الذين يقولون إن المجتمع يتحمل مسؤولية تصرفات الشبيبة من الاختصاصيين عليهم أن يدركوا أن هذه الدانمارك وليست غزة"، مطالبا في الوقت نفسه وزيرة الدمج بالقيام بعملية "تنظيف".
"حرية التعبير" وصلت إلى حد قيام "مجهولين" برمي رسائل في مدينة أسبيرا الدانماركية لكل الشقق التي تحمل أسماء أجنبية تحتوي على الرسومات المسيئة.
وحسب قول أحد القاطنين العرب فإن حالة من الاستغراب تسود أوساط هؤلاء السكان بينما ينشغل رئيس الوزراء أندرس فووغ راسموسن وتحالفه باعتقال شبان تحت السن القانوني وتقديمهم للمحاكمات.
تخوفات اقتصادية
وبينما يشعر المسلمون بإحباط واستفزاز لمشاعرهم يركز الجانب الدانماركي على تخوفات من المقاطعة الاقتصادية والآثار السلبية الأخرى لهذه الأزمة.
ومع الاتهامات والدعوات للرحيل تظهر تخوفات في الشارع الدانماركي من مقاطعة البضائع حيث تبرز يولاندس بوستن في أسفل الصفحة الأولى اليوم صورة من غزة لحرق علم دانماركي وبجانبه خبر تنقله مراسلة الصحيفة في بيروت يقول إن "العلامة يوسف القرضاوي يدعو إلى مقاطعة البضائع الدانماركية".
وتذكر الصحيفة أن القرضاوي كان المساهم الأكبر في حملة المقاطعة قبل عامين، وبأنه ومن خلال برامجه يملك نفوذا كبيرا في الشارع العربي وأبرزت حديثه.
وحسب مجموعة آرلا للمنتجات الغذائية فإنهم يراقبون تطورات استهلاك المنتوجات يوما بيوم حسب ما ذكرته نائبة مسؤول العلاقات العامة في الشركة في تعقيبها على ما نقل على لسان القرضاوي.
واهتمت الصحف أيضا بتصريحات محمد عبيدات مسؤول منظمة المستهلك العربي في العاصمة عمان التي تضم في عضويتها 13 بلدا حيث أوصى في تصريحات نقلتها "يولاندس بوستن" بمقاطعة البضائع الدانماركية "على ضوء عدم احترام الصحف الدانماركية لمشاعر المسلمين تحت حجة حرية التعبير والتفكير".